البروفيسور توفيق بن أحمد خوجة
أمين عام اتحاد المستشفيات العربية
المدير العام السابق للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليحي
أصبح تقييم برامج تطوير القيادة والإدارة في مجال الرعاية الصحية أكثر أهمية من أي وقت مضى لصنع القرار الجيد، مع مراعاة جميع أصحاب المصلحة والنتائج المتوقعة.
تركز أفضل ممارسات تدريب وتأهيل القيادات الصحية على مجموعة من المحاور والركائز والوظائف الأساسية تشمل التقييم المستمر للاحتياجات الصحية، ووضع وتطبيق وتقييم السياسات الصحية المدعومة بالتحسين المتواصل للجودة.
وتقتضي معالجة التحديات الصحية الحالية والمستقبلية التي يواجها السكان التركيز على تنمية، وتنظيم، وبناء قدرات العاملين في مجال القيادة الصحية والصحة العامة ونظامها لخدمة تلك الوظائف.
كما أن من شأن هذه المقاربة تقديم خدمات واتخاذ تدابير أكثر فعالية وكفاءة للمجتمعات المحلية، من خلال ضمان مستوى الخبرات في الأماكن المطلوبة من النظام وملاءمة الاحتياجات المحددة لكل مجتمع
ويتطلب تأمين قوى عاملة ذات كفاءة عالية وتدريب مميز في مجال الصحة العامة وتوضيح الأدوار والمسؤوليات، ومعايير فعالة لإدارة الأداء، وإرساء ممارسات معيارية للقوى العاملة. ويشمل ذلك اشتراط الحد الأدنى من المعايير الاحترافية المتفق عليها عبر النظام.
نوصي بشدة أن يكون لدى جميع القوى العاملة في نظام الرعاية الصحية المعرفة والمهارات والسلوكيات القيادية لدفع إعادة تصميم الخدمات الأساسية وتحسينها.
وسيشمل ذلك العمل بالتعاون عبر الأنظمة الصحية، وتطوير نماذج جديدة للرعاية، وزيادة تطوير مهارات قيادة القوى العاملة بأكملها.
السمات القيادية
قال سبحانه وتعالى:
“فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين”
توضح الآية الكريمة أسس ومبادئ القيادة في الاسلام والتي يمكن تلخيصها كما يلي:
- اللين في المعاملة.
- العفو.
- المشاورة في الأمر [الشورى.
- عقد الأمر والتوكل على الله.
- القدوة الحسنة.
- العدل.
- ُسئل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، ما شرطك في الوالي الذي تريده؟ قال عمر: “إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان أميرهم كان كأنه واحد منهم”.
ومن هنا يتضح بجلاء أنه يجب أن يكون الجيل الجديد من القادة في مجال الرعاية الصحية من الأشخاص المستعدين للعمل بحالة عالية من اليقظة. قد يؤدي الانتباه للآخرين إلى تقليل التشتت وتفسير الأفكار ووجهات النظر بشكل أكثر دقة.
يجب أن يكون القادة في القرن الحادي والعشرين على دراية بحالتهم العاطفية وأن يكونوا ناضجين عاطفياً ولديهم دوافع ذاتية، ذلك أن الدافع الذاتي هو شيء يمتلكه القادة الحاليون بالفعل، لكن القليل منهم طور السمتين الأخريين لجعل القائد متطورًا وذكيًا عاطفياً.
أحبتي الكرام لقد قالوا في القيادة بأن النجاح لا يقاس بالمنصب الذي وصل إليه الشخص، بل بالمصاعب والعقبات التي تغلب عليها أثناء سعيه للنجاح.
إن القائد بحاجة إلى رؤى واضحة، ولكن الرؤى تبقى دون فائدة إذا لم تعمم بطريقة تولد الحيوية والالتزام والانتماء. فالقيادة والتواصل أمران لا ينفصلان.
وتنعكس اخلاق وكفاءة القائد على أعضاء الفريق الذين يختارهم، والذين يتجمعون حوله، أرني القائد وسوف اخبرك عن رجاله، ارني الرجال وسوف اخبرك عن قائدهم.
- القيادة الفعالة تسعى إلى إحداث التغيير.
- القيادة مسئولة عن تحديد التوجه.
- القيادة مسئولة عن تحقيق التعاون والتضامن بين الأفراد.
- تسعى القيادة إلى تحفيز العاملين من خلال إشباع حاجاتهم الإنسانية.
- مسئولة عن التحفيز.
- هي القدرة على تجميع وحشد طاقة الأفراد وقدراتهم نحو تحقيق رؤية مشتركة.
خصائص القيادة الناجحة:
- القدرة على الاتصال:
قدرة القائد على توضيح وايصال الأهداف للمرؤوسين وتلقي توقعاتهم. - الثقة بالنفس والأخرين:
ثقة القائد بنفسه وبقدرات مرؤوسيه لتشخيص المشكلات واتخاذ القرارات اللازمة لها. - الوعي:
مدى وعي القائد بتأثيره على مرؤوسيه والاسلوب الأفضل لممارسة مثل هذه التأثير كذلك وعيه للعوامل والمتغيرات التي تزيد من فعاليته وذلك يتضمن الإلمام بالنظريات والأبحاث المتعلقة بالقيادة. - الإحساس والتعاطف:
قدرة القائد على فهم ومعرفة حاجات ورغبات وشعور الآخرين وهو مختلف من مفهوم الشفقة.
- البحث والدراسات والبحوث
ومن أجل بناء القيادات في الصحة أرى أهمية إعطاء هذه الجوانب رعاية خاصة:
- لقد قيل إن جودة القيادة لها تأثير مباشر على جودة الخدمة المقدمة على جميع المستويات.
1) تأسيس شبكات وترابط ومنتديات لخبراء الصحة في الوطن.
2) إيجاد حلول للتحديات الصحية الرئيسة، حيث يسهم الدعم لثقافة التعاون في إنشاء شبكة للقادة الصحيون تجمع ما بين الخبراء المحليين، والإقليميين، والدوليين ليعملوا معًا على إيجاد حلول للتحديات الصحية التي يوجهها السكان. ويكتسب التعاون الاستراتيجي أهمية كبرى في إنجاح النظام الصحي ككل ونظام الصحة العامة وقدرات القياديين ويتطلب مشاركة القطاعات والوزارات والجهات المختلفة في تحمل المسؤوليات.
3) تطوير قدرات وكفاءات جميع العاملين في مجال القيادة الصحية بوجه عاما والقيادة في الصحة العامة والقادة المستقبليين للرعاية الصحية، على أن من الأهمية الترويج للمهن بمجال القيادة والصحة العامة بوصفها مهنة جذابة وقابلة للاستمرار ومجزية، تتيح فرصًا لتحسين رفاهية السكان وفرصًا للنمو الشخصي والمهني.
4) دعم القيادة الوطنية الصحية لبرامج والدراسات العليا المتخصصة في القيادة الصحية ونبغي دعم كافة المبادرات في هذا المجال وتخصصاته المتعددة من خلال عمليات التدريب والتطوير ورصد الميزانيات اللازمة لتنفيذ ذلك بكل كفاءة واقتدار، وتشجيع خريجي طلاب الطب وذات العلاقة في الالتحاق بتخصصات القيادة الصحية والابتعاث الى المراكز الدولية المتميزة في هذا المجال، لكي يتمكنوا من تحسين الأداء والقدرات عبر المنظومة الصحية.
وتأسيسًا على ما سبق يمكن القول بأن إدارة وقيادة المرافق الصحية بحاجة ماسة إلى نمط قيادي يتسم بالكفاءة والفعالية وبالشفافية، والصدق، والنزاهة، ولديه القدرة على تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات، كما أن غدارة النظم الصحية ومرافقها بحاجة ماسة إلى توافر معايير الصحة التنظيمية لكي تكون قادرةً على أداء رسالتها وتحقيق رؤيتها في بيئة صحية يسودها مناخ إيجابي يساعد على الابداع والتميز ، وعليه نود أن نحقق كل الغايات والأهداف السامية والمحورية التي تم ذكرها أعلاه وأن نسعى سويا للوقوف على طبيعة العلاقة بين ممارسة القيادة الفاعلة في النظم الصحية وإدارة برامجها وفعالياتها في المرافق الصحية ضمن الفريق الصحي الواحد.
وإنني على يقين أننا بهذه التوجهات ذات الأولوية لبناء نظام صحي مرن ومتوازن وفعال، أننا سوف نسجل ريادة في تبني هذا المنظور المستنير الإيجابي، خاصة وأن حكومتنا الرشيدة أيدها الله قد أبدت التزاماً كبيراً بتحقيق الأهداف السامية لتحسين النظام الصحي ومكوناته وتمكين متلقي الخدمات الصحية والمحافظة بكل طاقاتها وقدراتها على الإنسان، الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في تحقيق الأثر الإيجابي وتحسين العديد من المؤشرات الصحية والاجتماعية بصورة كبيرة وملحوظة…